صراع أدمغة استخبارية بين حماس و"إسرائيل" لتجنيد العملاء



تدور في أروقة الحرب غير المباشرة بين "إسرائيل"، والمقاومة الفلسطينيّة صراع أدمغة استخباري، إذ تستخدم "المخابرات الإسرائيلية" وسائل محدثة ومطوّرة بين حين وآخر لاختراق المجتمع الفلسطيني، منها أساليب ذكية جديدة من نوعها، دون أن تترك خلفها أصابع اتهام، أو أدلة لتتبع الجهة "الإسرائيلية" المشغلة، حتى أن بعض العملاء لا يعلمون أنهم يعملون لصالح "إسرائيل". كما تستغل "المخابرات الإسرائيلية" أي ثغرة لجمع المعلومات الدقيقة والمحكمة عن المنظمات الفلسطينية ونشطائها، لتعقبهم واغتيالهم.
وعمدت "إسرائيل" مؤخرًا للتجنيد عبر طُرق عدة يصعب كشفها، فبعض الذين تعمل "المخابرات الإسرائيلية" على تجنيدهم نشطاء فاعلين على شبكات التواصل الاجتماعي، أو المواقع البحثية، والعاملين في حقل التجارة، بجانب العمل في بعض المجالات التمويهية التي تغطي على عملهم الحقيقي كالانخراط في بعض الوسائل الإعلامية، والمواقع الإخبارية، والمعاهد البحثية، والمؤسسات الإنسانية، والمنظمات الدولية، بحيث يتم التشغيل والتجنيد من خلال طرف ثالث.
كما تقوم "المخابرات الإسرائيلية" باعتماد أساليب جديدة بعكس أساليب التجنيد المتبعة منذ سنوات طويلة يصعب كشفها من قبل حركة المقاومة الإسلامية حماس، وذلك عن طريق وكيل ثالث، وهذه الطريقة متبعة في العديد من أجهزة المخابرات العالمية، ويصعب كشفها إن تم إدارتها بطريقة ذكية ومحكمة". وتُشير التقديرات بأنّ "المخابرات الإسرائيلية" زادت من استخدامها عقب الاعتقالات التي شنتها حماس في الشهور الأخيرة على عشرات العملاء والجواسيس، للكشف عن شبكات المتعاونين مع "إسرائيل"، لا سيما أولئك الذين قدموا مساعدات لوجستية للقوة "الإسرائيلية" الخاصة في خانيونس".
وفي تعليقه على صراع تجنيد العملاء بين "المخابرات الإسرائيلية" وحركة حماس، أوضح الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية" "أمان"، يوني بن مناحيم" أنّ "المخابرات الإسرائيلية" لا يمكنها الاستغناء عن الكادر البشري الخاص بجمع المعلومات الميدانية، المسمى في علم "المخابرات الإسرائيلية" "اليومينت"، حتى في ذروة التقدم التقني والتكنولوجي، وهي الطريقة النموذجية لبناء صورة استخبارية محدثة عما وصلت إليه المنظمات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة.
مقابل عمل "المخابرات الإسرائيلية" المتكرّرة والدائمة لاختراق المجتمع الفلسطيني، وتجنيد العملاء لجمع المعلومات الاستخباريّة، تخوض حركة حماس حرب أدمغة استخبارية مع "المخابرات الإسرائيلية"، وهو ما دفع بحركة حماس لمحاربة ظاهرة المتعاونين مع "المخابرات الإسرائيلية"، خاصةً بعد أن ظهرت مؤشرات عديدة أنّ لدى "إسرائيل" مصادر معلومات مهمة داخل قطاع غزة، ما يجعل من هذه الحرب السرية تصل ذروتها، رغم اكتشاف حماس للقوة "الإسرائيلية" الخاصة بمدينة خانيونس في نوفمبر 2018، التي كانت تنفذ مهام استخبارية خاصة وحساسة".
وأمام زيادة خطر العملاء العاملين لحساب "المخابرات الإسرائيلية"، فكثير من المعلومات الميدانية تأتي عن طريق متعاونين من داخل غزة، وهم ينقلون هذه المعلومات الخطيرة لمشغليهم من الضباط "الإسرائيليين" في جهاز الأمن العام "الشاباك". تعمل حماس على كشف شبكات العدو، وعلى تطوير منظومات للتصدي لاختراقات "المخابرات الإسرائيلية"، إن كان على الصعيد التقني أو عبر المجتمع المحلي وتوعيته لعدم الوقوع في فخ العمالة مع "إسرائيل".
وبذات السياق، حذّرت حماس من ظاهرة التجسس والعمالة والارتباط بـ"المخابرات الإسرائيلية"، وجندت وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية لتوجيه نداءات للعملاء للتوبة، والعودة إلى حضن الشعب الفلسطيني.